روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | كونوا مع الصادقين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > كونوا مع الصادقين


  كونوا مع الصادقين
     عدد مرات المشاهدة: 3872        عدد مرات الإرسال: 0

أولًا: تعريف الصدق:

 

الصدق نقيض الكذب، وهو قول الحق، والمطابق للواقع والحقيقة، والصادق هو المخبر بما يطابق اعتقاده، والصديق المبالغ في الصدق (لسان العرب لابن منظور ج 1ص193). قال الله تعالى: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8] أي ليسأل المبلغين من الرسل عن صدقهم في تبليغهم، وتأويل سؤالهم التبكيت للذين كفروا بهم لأنّ الله تعالى يعلم أنّهم صد يقون (الصدق وأثره في حياة الفرد والأمة، صفوت محمود ص: 13).

 

ثانيًا: الأمر بالصدق:

 

يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير الآية: وفي أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق، وأعمالهم وأحوالهم لا تكون صدقًا خالية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيّئة، مشتملة على الإخلاص والنيّة الصالحة، فإنّ الصدق يهدي إلى البرّ، وإنّ البرّ يهدي إلى الجنة. (تيسير الكريم الرحمن ص: 325). وعن أبي سفيان رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصّة هرقل، قال هرقل: فماذا يأمركم؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو سفيان قلت يقول: «اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة» متفق عليه.

 

ثالثًا: فضل الصدق:

يقول الله عز وجل: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلًا، ليجزي الله الصادقين بصدقهم} [الأحزاب: 23- 24]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإنّ الصدق إلى البر، وإنّ البر يهدي إلى الجنة» متفق عليه ويقول الإمام المراغي: إنّه سبحانه أمر المؤمنين بشيئين: الصدق في الأقوال، والخير في الأفعال، وبذلك يكونون قد اتقوا الله وخافوا عقابه، ثم وعدهم على ذلك بأمرين:

الأول: إصلاح الأعمال إذ بتقواه يصلح العمل، والعمل يرفع صاحبه إلى أعلى العليين ويجعله يتمتع بالنعيم المقيم في الجنة خالدًا فيها أبدًا.

 

الثاني: مغفرة الذنوب وستر العيوب والنجاة من العذاب العظيم. (تفسير المراغي ج 22ص 45).

 

رابعًا: الحثّ على الصدق:

يقول المولى عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه وذلك هو الفوز العظيم}. [المائدة: 119]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإنّه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنّه مع الفجور، وهما في النار، وسلوا الله اليقين والمعافاة، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، كما أمركم الله» (رواه أحمد والبخاري وابن ماجة).

ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا» (رواه الترمذي).

 

قال الإمام المباركفوري قال النووي: قال العلماء في هذا الحديث حث على تحري الصدق والاعتناء به. (تحفة الأحوذي ج 6 ص 106).

 

خامسًا: الصدق من صفات الأنبياء والمرسلين:

يقول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنّه كان صدّيقًا نبيًّا} [مريم: 41]. ويقول الإمام الألوسي: واذكر لهم قصة إبراهيم عليه السلام فإنّهم ينتمون إليه فعساهم باستماع قصته يقلعون عمّا هم فيه من القبائح.. وفي الكشاف: الصديق من أبنية المبالغة، والمراد فرط صدقه، وكثرة ما صدق به من غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل أي كان مصدقًا بجميع الأنبياء وكتبهم وكان نبيًّا في نفسه كقوله تعالى: {بل جاء بالحق وصدّ المرسلين} أو كان بليغًا في الصدق لأنّ ملاك أمر النبوة الصدق ومصدق الله تعالى بآياته ومعجزاته حريّ أن يكون كذلك. (روح المعاني ج 6 ص 59).

ويقول سبحانه: {واذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صديقًا نبيًّا} [مريم: 56]. قال الإمام أبو السعود: إنّه كان صديقًا ملازمًا للصدق في جميع أحواله. (تفسير أبي السعود ج 5 ص 270).

 

وفي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع خديجة حيث جاء الملك وهو في غار حراء فقال: «اقرأ، قال: ما أنا بقارئٍ، إلى أن قال له: {قرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم}» فرجع إلى خديجة وأخبرها الخبر، قال: «لقد خشيت على نفسي». قالت له خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا، والله إنّك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق (صحيح مسلم بشرح النووي ج 2ص 99- 201).

 

سادسًا: أثر الصدق في قوة الإيمان:

 

يقول المولى تبارك وتعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلًا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذّب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إنّ الله كان غفورًا رحيمًا} وقد أخر ج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فلمّا قدم قال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن أشهدني الله عز وجل قتالًا ليرين الله ما أصنع، فلمّا كان يوم أحد انكشف الناس، فقال: اللهم إنّي أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المشركين، واعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين، ثم مشى بسيفه، فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد.. قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بضع وثمانون جراحة، من ضربة سيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، قد مثلوا به، قال: فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه، قال أنس: فكنا نقول: أنزلت هذه الآية {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} فيه وفي أصحابه. وفي حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» [رواه مسلم].

 

سابعًا: مجالات الصدق:

1- الصدق في الإخلاص لله تعالى:

يقول الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة} [البينة: 5]. وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال: «إنّ بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم حبسهم المرض» وفي رواية: «إلا شاركوكم في الأجر» رواه مسلم.

2- الصدق في الأقوال:

يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا} [الأحزاب: 70- 71]. قال الإمام الرازي: أرشدهم إلى ما ينبغي أن يصدر منهم من الأفعال والأقوال، أما الأفعال فالخير، وأما الأقوال فالحق لأنّ من أتى بالخير وترك الشر فقد اتقى الله، ومن قال الصدق قال قولًا سديدًا، ثم وعدهم بإصلاح الأعمال، فإن يتقوا الله يصلح العمل، والعمل الصالح يرفع ويبقى فيبقى فاعله خالدًا في الجنة، وعلى القول السديد بمغفرة الذنوب. (التفسير الكبير ج 25 ص 25).

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أربع إذا كنّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة» رواه أحمد.

3- الصدق في المعاملات:

يقول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]. قال الإمام ابن كثير: أي اصدقوا، والزموا الصدق تكونوا من أهله وتنجو من المهالك، ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا. (تفسير ابن كثير ج 2ص 62).

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما» رواه البخاري.

4- الصدق في الورع والزهد:

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» رواه الترمذي وقال حديث صحيح.

قال الإمام النووي: يريبك هو بفتح الياء وضمها: معناه اترك ما تشك في حله واعدل إلى ما لا تشك فيه. (رياض الصالحين ص: 62).

وقال الحسن البصري: إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد. (تفسير ابن كثير ج 3 ص64). وقال الإمام الشافعي:

رأيت القناعة رأس الغنى *** فصرت بأذيالها متمسك

فلا ذا يراني على بابه *** ولا ذا يراني به منهمك

فصرت غنيًّا بلا درهم *** آمر على الناس شبه الملك

5- الصدق في الأعمال الصالحة:

يقول الله عز وجل: {ليس البر أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}. [البقرة: 177]. ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في معرض تفسيره للآية: أولئك: أي: المتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة. والأعمال التي هي آثار الإيمان وبرهانه ونوره، والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقته الإنسانية، فأولئك هم {الذين صدقوا} في إيمانهم، لأنّ أعمالهم صدقت إيمانهم، {وأولئك هم المتقون}: لأنهم تركوا المحظور وفعلوا المأمور، لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير تضمنًا ولزومًا، لأنّ الوفاء بالعهد يدخل فيه الدين كله، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية أكبر العبادات، ومن قام بها كان بما سواها أقوم، فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون. (تيسير الكريم الرحمن ص: 84).

6- الصدق في الجهاد في سبيل الله:

يقول الله تبارك وتعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} [الحجرات: 15] ويقول الإمام ابن كثير: أي لم يشكوا ولا تزلزلوا بل ثبتوا على حال واحدة هي التصديق المحض.. وبذلوا مهجهم ونفائس أموالهم في طاعة الله ورضوانه. (تفسير ابن كثير ج 4 ص 492).

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، وأرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة» (رواه مسلم) وفي حديث آخر يقول: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» رواه مسلم.

7- الصدق في التوبة والرجوع إلى الله:

يقول الله سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31] وعن عمران بن الحصين الخزاعي رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدًّا فأقمه علي فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: «أحسن إليها فإذا وضعت فأتني» ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشدت ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ قال «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لو سعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل» رواه مسلم. ويقول الإمام النووي: قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يقلع عن المعصية والثاني أن يندم على فعلها والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبدًا، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ من حق صاحبها. (رياض الصالحين: 38).

8- الصدق في أداء الأمانة:

يقول الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» رواه أحمد ويقول الشيخ السعدي: الأمانات كل ما اؤتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به، فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولًا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار، والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله. (تيسير الكريم الرحمن ص: 183).

9- الصدق في الحياء:

عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه فإن الحياء من الإيمان» متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي بخير» متفق عليه وفي رواية مسلم «الحياء خير كله» أو قال: «الحياء كله خير» وقال الإمام النووي: قال العلماء: حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. (رياض الصالحين ص: 280).

10- الصدق في الإحسان إلى الناس:

يقول الله عز وجل: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل: 16]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو تلقى أخاك بوجه طلق» رواه مسلم. ويقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في تعليقه على الحديث: أي بوجه ضاحك مستبشر وذلك لما فيه من إيناس الأخ ودفع الإيحاش عنه وجبر خاطره، وبذلك يحصل التآلف بين المؤمنين. (هامش رياض الصالحين ص: 89).

ويقول الإمام الشافعي: ما ناظرت أحدًا قط إلا أحببت أن يوفق، ويسدد، ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ. (صفوة الصفوة لابن الجوزي ج 2 ص 167).

قال الخطابي:

ارض الناس جميعًا *** مثل ما ترضى لنفسك

إنما الناس جميعًا *** كلهم أبناء جنسك

فلهم نفس كنفسك *** ولهم حس كحسك

11- الصدق في الترفع عن الكذب والنفاق والمواربة:

يقول الله جل وعلا: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» رواه البخاري. ويقول الإمام ابن القيم: ومن صدق في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره، ولهذا الصدق معنىً يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل، فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله. (الفوائد ص: 266).

ويقول ابن السماك: ما أحسبني أؤجر على ترك الكذب، لأني أتركه أنفة. (المحاسن والمساوئ ص: 433).

ولقد أحسن القائل:

وما من شيء إذا فكرت فيه *** بأذهب للمروءة والجمال

من الكذب الذي لا خير فيه *** وأبعد بالبهاء من الرجال

(أدب الدنيا والدين للماوردي ص: 261).

12- الصدق في معرفة عدوك:

يقول الله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}، يقول الإمام ابن كثير في معرض تفسيره للآية: أي مبرز لكم بالعداوة فعادوه أنتم أشد العداوة وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به.. إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير، فهذا هو العدو المبين نسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان وأن يرزقنا اتباع كتاب الله، والاقتفاء بطريق رسله، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. (تفسير ابن كثير ج 4 ص 277).

 

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى فليأكلها ولا يدعها للشيطان» (رواه مسلم).

 

ثامنًا: جزاء الصادقين:

يقول الله عز وجل: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} [المائدة: 119]. ويقول الإمام القرطبي: أي: صدقهم في الدنيا ويحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله، ويحتمل تركهم الكذب عليه وعلى رسوله، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك اليوم وإن كان نافعًا في كل الأيام لوقوع الجزاء فيه. (تفسير القرطبي ج 6ص 379).

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا».

المصادر:

1- أدب الدنيا والدين للماوردي.

2- إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن العظيم لأبي السعود.

3- تحفة الأحوذي للمباركفوري.

4- تفسير القرآن العظيم لابن كثير.

5- تيسير الكريم الرحمن لعبد الرحمن السعدي.

6- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

7- رياض الصالحين للنووي.

8- صحيح مسلم بشرح النووي.

 

9- الصدق منجاة، لسعيد عبد العظيم

 

الكاتب: فضل الله ممتاز.

 

المصدر: موقع رسالة الإسلام.